المنتخب الأسباني يفوز ويثير الإعجاب.. هذا هو التفسير الوحيد للفوز ببطولتي الأمم الأوروبية وكأس العالم ، فضلا عن الحصول على إقرار بالتميز بأسلوب لعب يثير الإعجاب بالفريق والذي ادى إلى حصوله اليوم الثلاثاء على جائزة أمير أستورياس للرياضة لعام 2010 .
وفي عصر براجماتي خالص ، حتى في الرياضة ، فتح المنتخب الأسباني الباب أمام شيء كان يبدو مفقودا، ألا وهو: من الممكن الجمع بين الانتصارات والأداء الجمالي، أو بتعبير آخر ، تحقيق الألقاب مع إغراء الجماهير بتقديم كرة جذابة.
بدأ الطريق الجديد لأسبانيا عام 2008 وفي الوقت غير المتوقع، حيث جاء ذلك في وقت كان فيه لويس أراجونيس ، المدير الفني للفريق انذاك ، هو أحد أكثر الأشخاص تعرضا للانتقاد في البلاد ، حتى أكثر من رئيس الحكومة الأسبانية نفسه.
ففريقه كان قد فشل بشكل غريب في مونديال ألمانيا 2006 والجماهير كانت تجاهر بالمطالبة برحيله دون أن يحدث ذلك. وقاوم أراجونيس الضغوط الرهيبة ، وجدد صفوف الفريق ، وراهن على الكرة الجميلة وفي النهاية فاز بلقب بطولة الأمم الأوروبية في النمسا وسويسرا وسط إعجاب الجميع.
ورحل أراجونيس عن منصبه بمجرد إحراز هذا اللقب ، الذي كان الأول للمنتخب منذ عام 1964 ، وكان فيسنتي دل بوسكي هو المسئول عن بدء المرحلة الجديدة.
لم يبتعد دل بوسكي ، المدرب المعروف باعتداله وعقلانيته ، عن أسلوب سلفه رغم أنه انتهز الفرصة لإدخال تفاصيل جديدة والنزول بمعدل أعمار الفريق وإضافة بدائل خططية. كما هدأت العلاقات بين منصب المدير الفني للمنتخب والمحيطين به ، بعد أن تدهورت تماما خلال عهد أراجونيس.
ولهذه الأسباب ، فازت أسبانيا بمونديال جنوب أفريقيا 2010 وبطريقة ملحمية ، بعد ذلك الهدف الذي سجله أندريس إنييستا قرب نهاية الوقت الإضافي للمباراة النهائية أمام هولندا. فقد كان هو الفريق الوحيد الذي ظهر على مستوى الحدث ، الأمر الذي لم يفعله منافسون مثل البرازيل والأرجنتين وإنجلترا وإيطاليا.
وبعد التحرك داخل صحراء لأكثر من أربعة عقود ، تحولت أسبانيا إلى فريق منتصر. لكنها حققت إنجازا آخر: استعادة حب الجماهير.
وتلك القضية ليست بأقل أهمية ، حيث أن الجماهير الأسبانية عاشت لأعوام طويلة في تباعد كبير مع منتخبها. وبالفعل كانت نسبة مشاهدة مباريات الفريق الوطني أقل من نظيرتها المسجلة في مباريات الأندية.
إلا أن الأمر لم يعد كذلك، فإلى جوار الأداء الجمالي ، هناك مجموعة من اللاعبين تفاهمت معهم الجماهير تماما. فهم مجموعة من الشباب يبثون قيما مثل الصداقة والحب والاجتهاد.
لذا فإن لاعبين مثل إيكر كاسياس وأندريس إنييستا وتشافي وفرناندو توريس يعتبرون معشوقين حقيقيين في بلادهم وفي العديد من مناطق العالم.
غير أن كرة القدم لا تعيش على الذكريات وكل لحظات المجد هذه ستذوب بمجرد توالي الهزائم. لذلك دائما ما يكون من المستحسن وجود رياضي مثل دل بوسكي الذي صرح اليوم قبل مواجهة الفريق لنظيره الأرجنتيني وديا "أسوأ ما قد يحدث للمجموعة هو أن يشعروا بأنهم ملوك الدنيا".