[size=21]كيف يكون الحب
تَدُقُ عَقَارِبَ السَّاعَةَ فِي كُلِ ثَانِيةٍ وَالسَّاعَةُ تَدور
أُقَارِنُ دَقَاتَهَا بِإندِفَاقِ الدَّمِ ودَوَرَانَهً فِي شَرَايينِي فِي لَحَظَاتِ الهُدُوء
يَسمَعُ صَوتُها مَن يَعرِفُ أنَّ الحُبَ سَرابٌ كَاذِب
يُدرِكُ مَعنَاهَا مَن يَسمَعُ الرَّنِيمُ عِندَ السَّنَاءَ كَأنَهَا زَقزَقةٌ لأَبوابٌ مُوصَدَة مُنذُ عُقود
طِفلٌ تَائِهٌ على شَاطِئ يَكتَظُ بِالعَابِثينَ الهَارِبينَ
البَاحِثينَ عَن اللَهوِ بَعيداً عَن ضَوضَاءَ المَدينة
وَسُياحٌ يُحاوِلونَ إقناع أنفسهم بِأنَهم ليسُوا من هذا الفَصِيل
فَيَمسِكُونَ أكؤسَهُم بِأنَامِلَهُم وَيُظهِرُونَ السَلاسِلَ والعُقُود
والشَّمسُ تَقوم بِدورِها عَلى أيَّ حَال ..
تُوَزِعُ ماَ لدَيها كَأنَها صَاحِبُ الرَّشَاشَ الحَاقِدَ على من يَخشَاهُم
فَالكُلُ لَهُ نَصِيب ...
لَكن الأقوى من يَحصُل عَلى الأقل مِنها كَغَيرِ العَادَة
مَا أجمل أن تَكونَ الحَياةَ هكَذا فَهي قَنَاعَة حَتى لو كَانَت مِن نَوعٍ آخر
عَلى طَاوِلَةِ المَطعَمِ مُرَاهِقَانِ يَتَحَدَثَانِ عَن الحُبِ
أحَدهُم يَقُول .. الحُبَ يَكُون مِن النَظرَةِ الأولى
وَالآخر يَقُول كَلا .. إن لَم تَعتَد عَلى أحَدٍ لَن تُحِبُه
يَختَلِفَان وَيَتفِقَا فِي نِقَاطٍ وَنِقَاط
يَقُولُونَ الحُبَ مَضمُونُه الخَوف
ابتَسِم وَأوجِهُ رِسَالتِي لهُمَا سِراً
مَن يَعرِفُ أنَّ الحُبَ مَضمُونُه الخَوفَ
سَيَعرفُ كَيفَ وَمَتى يَفتَحَ كِتَابَ " حُبٍ تَحتَ المَطَر "
وَسَيَعرِفُ كَيفَ يَبحثُ فِي القَامُوسِ عَن قَصَائِدَ تَحُثُ عَلى الحِرصَ
مِنَ الطُرُقَاتِ التِي تَعُجُ بِفَتَيَاتٍ يَرتَدِينَ الزِّي المَفرُوضُ عَليهِنَ فِي المَدرَسَة
والكُتُبُ المَحمُولَةُ بَينَ الذِرَاعَينَ تُبتَاعُ بِوَاجِهَةً مُلَوَنَةً لِتُعطِي رَونَقاً جَمَالِياً
يَتَمَاشَى مَع لَونِ شَالَةٍ بِنَفسِ اللَونَ لِفَتَاةٍ فِي الجَامِعَة
وسَيعرفُ كيف يَحرصُ شَابٌ أن تَكَون رَائِحة شَعرَهُ الحَالِك السَّوادَ المُصطَنَع
كَنَفِسِ رَائِحَة عَصِير التُوت المُتَعَارَف عَلِيهِ فِي المُتنزَهِ وَالمَحبُوبِ مِن قِبل الجميع
من يعرف أن الحب مضمونه الخوف ...
سَيَخشَى مِن طَرحِ سَلامٍ أو حَتَى دُعَاءٍ لِلشَحَاذَاتِ عَلى الطُرُقَات
مَن يَعرفُ أن الحُبَ مَضمُونُه الخَوفَ .
سِيكِدُ عَلى شَطبِ اثنَانِ من الحُروفِ مِن أبجَدِيَتَه
حَتى انه سَيَكتَفِي بِالمِيمِ إن كَانَ " مُحِب "..
تَتَلاشَى بَسمَتِي بِبَسَاطَةٍ وَيَملأُ وَجهِيَ الغَضبَ وَاجهِر..
أيِّ حُبٍ هَذا ...!؟
مَا يَجعَلَك تُدَاوِمُ عَلى السَّهَرَ وَالتَفكِيرَ
كلَ ليلةً تُنَاجِي السَّمَاءَ وَتَعُدُ النُجُومَ وَتَعشَقَ القَمَرَ وَتُغَنِي لِلسَّحَابَ وَتَنتَظِرُ الِشِهَابَ
وتََكرَهَ صَوتَ السَّيارَاتَ وتَكتُمُ فِي أحشَاءِك آهاتٍ وويلاتٍ مُلونَةٍ ومِن كُلِ الأطياف
وعِندمَا تُسألُ كَيفَ يَكونُ الحُبَ ..؟
تُجِيبُ مُبتَسِمَاً لا أؤمِنُ بِه عِندمَا يَكُونُ مِن أول نَظرَةٍ .. يَا الهِي
وَكَيفَ يَكونُ غَيرَ ذَلك ...!؟
يُصَادِفُ شَابٌ إحدى الفَتَياتَ فِي مَتجَرٍ لِلمَلابِس
يُصَافِحهَا ويُعَرفِهَا عَن نَفسِه وَيَذكُر لَهَا تَارِيخَاً حَافِلاً بِالبُطُولاتِ ..
فَتَشكُو لَه بَعضاً مِن مُشكِلاتِهَا العَاطِفِيَة
وَيَشَاءُ القَدَرُ أنَهُم يَدرُسُونَ فِي قاعةٍ واحِدة
فَيَتَبَادَلُونَ الدَفَاتِر وَالكَرَاسَات
وَيَتَلوهَا كُتبَ الأشعَارَ وَقَصَائِدَ الحُب
حَتَى يُصبِحَ كُلٌ مِنهُما شَاعِراً وَيحمِلُ في جُعبَتِهِ الكَثِيرِ مِنَ العَذَابَاتِ
ويَبدَأ النَزِيفَ أمامَ الآخَر
وتَصِلَ بِهِم الحَالَة إلى أنهم اعتَادُوا عَلَى أن يَتَبَادَلُوا قِصَصَ البُطُولات
وآخرَ المَطَاف يَعتَرِفُ كُلٌ مِنهُم بِخَجَلٍ لِلآخَرَ " أحبَبتُكَ "
أهَذَا هُو الحُب ....!؟ أهكَذَا يَكُون ..!؟
مَن لا يَعرِفَ أنَ الحُبَ مَا لَم يَكُن حُلمٌ يَتَحَققَ بِالصُدفَةِ بَعدَ المَنَامِ
وَفِكرةً تُصبِحَ هَدفاً لصِاحِبَهَا يَبحَثُ عَنهَا فِي وَقتِ الذُروَةِ
فَعَلَيِهِ ألا يَنَامَ إطلاقَاً .. وَلِيَنتَزِعَ عَقلَهُ وَقَلبُه
وَيَبقَى مُتَربِصَاً لَيلَ نَهَار عَلى أبوابِ مَتَاجِرِ المَلبُوسَات .. [/size]